ما حكم نزول المني والمذي عند المالكية سواء غير متعمد ـ خروجهما دون نظر أو تفكير، وخروجهما بالنظر والتفكيرـ ، ومتعمدًا ـ خروجهما بسبب نظر أو تفكير مستدامين ـ ؟ وما حكم من احتلم في نهار رمضان عند المالكية ؟ وإذا اشتبه عليَّ الأمر شبهًا شديدًا ، ولم أستطع التفريق ـ رغم معرفتي بالفوارق بينهما ـ فماذا ينبغي عليَّ أن أفعل؟
هذه الأسئلة يجيب عنها موقع "الاسلام سؤال وجواب" الذي يشرف عليه الشيخ محمد صالح المنجد ، كالتالي:
من أمذى في نهار رمضان ، من نظر أو تفكر ، عن غير قصد ، ولم يتابع النظر أو التفكر ، ففيه قولان في المذهب المالكي .
قال ابن رشد في "البيان والتحصيل" (2 / 314): " وأما إن نظر على غير قصد، أو تذكر، فأمذى ، دون أن يتابع النظر أو التذكر، ففي ذلك قولان:
أحدهما: أن عليه القضاء - وهو قول مالك في هذه الرواية في النظر، والتذكر محمول عليه. والثاني: أنه لا قضاء عليه، إلا أن يتابع ذلك حتى ينزل" انتهى .
وقد رجح ابن رشد القول الأخير ، وهو عدم وجوب القضاء حيث قال بعد ذلك : "وهذا القول أظهر؛ لأن المذي لا يجب به القضاء على أي وجه كان عند الشافعي، وأبي حنيفة، وأكثر أهل العلم" انتهى من "البيان والتحصيل" (2 / 314).
وقال أبو عبد الله المواق ، رحمه الله :
" ابن بَشير : مَنْ فَكَّرَ ، فَالْتَذَّ بِقَلْبِهِ : فَلَا حُكْمَ لِلَّذَّةِ ....
فَإِنْ أَمَذَى ، نَظَرْت : هَلْ اسْتَدَامَ ، أَوْ لَمْ يَسْتَدِمْ ؟
فَإِنْ اسْتَدَامَ : كَانَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ أَمَذَى قَصْدًا .
وَإِنْ لَمْ يَسْتَدِمْ : فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ " انتهى، من "التاج والأكليل" (3/361) .
أما من تعمد النظر أو المباشرة حتى أمذى : فعليه القضاء .
وإن استدام حتى أمنى : فعليه الكفارة مع القضاء عند المالكية .
جاء في "الرسالة للقيرواني"(1 / 62): " ومن التذ في نهار رمضان ، بمباشرة أو قبلة ، فأمذى لذلك : فعليه القضاء .
وإن تعمد ذلك حتى أمنى ، فعليه الكفارة" انتهى.
وذكر النفراوي المالكي أن :
" المعتمد : لزوم الكفارة ، بتعمد إخراج المني بالقبلة ، أو المباشرة ، أو الملاعبة ، من غير شرط عادة ولا استدامة .
وأما تعمد إخراجه بنظر أو فكر : فلا بد من الاستدامة ، ممن عادته الإنزال بهما ، أو استوت حالتاه .
وأما من كانت عادته السلامة مع إدامتهما ، فتخلفت ، وأمنى : فقولان ؛ استظهر اللخمي منهما عدم لزوم الكفارة .
ونقل بعض كلام اللخمي عاما في جميع مقدمات الوطء ، وهو أظهر .
وأما من أمنى بتعمد نظرة واحدة ، ففي المدونة : لا كفارة عليه ، وهو المعتمد . ومقابله للقابسي. ومحل الخلاف فيمن عادته الإمناء بمجرد النظر ، وإلا : اتُفق على عدم لزوم الكفارة" .
انتهى من " الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني " (1 / 317).
وأما إن خرج المني بغير سبب، فلا شيء فيه ، لأنه أمر خارج عن الكسب ، فلا يتعلق به حكم.
قال ابن جزي في "القوانين الفقهية" (1 / 81): " وأما الإنزال بنظر أو فكر : فإن استدام فعليه القضاء والكفارة .. ، وإن لم يستدم فالقضاء خاصة ... وإن خرج المني بغير سبب فلا شيء فيه.
وأما المذي: فإن كان بمباشرة أو استدامة نظر أو فكر ، ففيه أيضا القضاء ، وفاقا لابن حنبل ..
واختُلف : هل يجب أو يستحب ؟
وإن لم يستدم النظر والفكر فلا شيء فيه .. "
وأما من احتلم في نهار رمضان فلا شيء عليه إجماعا .
قال ابن جزي في "القوانين الفقهية" (1 / 81): "من احتلم في نهار رمضان لم يفسد صومه إجماعا" انتهى.
والله أعلم.